يمنح الفحص الجيني قبل الانغراس، أو PGT، بعض الأزواج في المملكة العربية السعودية ممن لديهم خطر وراثي مرتفع فرصة فحص الجنين من الناحية الجينية قبل إرجاعه إلى الرحم. وبهذه الطريقة يمكن تقليل احتمال انتقال بعض الأمراض الوراثية الخطيرة إلى الأبناء أو تقليل بعض أسباب الإجهاض المتكرر المرتبطة بعيوب كبيرة في الكروموسومات، وذلك قبل حدوث حمل ثابت. يهدف هذا الدليل إلى شرح مبسّط لكيفية سير PGT، لمن يمكن أن يكون مناسبًا، ما هي التكاليف المتوقعة تقريبًا، وما هو الإطار النظامي والأخلاقي في المملكة.
ما هو الفحص الجيني قبل الانغراس (PGT) بالضبط؟
يقصد بـ PGT إجراء فحص جيني لجنين ناتج عن عملية أطفال الأنابيب (IVF) أو الحقن المجهري (ICSI) في المعمل قبل إرجاعه إلى رحم الأم. يتم عادةً تربية الأجنة في الحاضنة عدة أيام حتى تصل إلى مرحلة البلاستوسستة (اليوم الخامس تقريبًا)، ثم تؤخذ عينة صغيرة من خلايا الطبقة الخارجية (الأرومة الغاذية) أو يتم تحليل الحمض النووي الحر في وسط الزرع، ثم ترسل العينة إلى معمل الوراثة لتحليلها.
على المستوى الدولي يُستخدم اليوم المصطلح الشامل Preimplantation Genetic Testing (PGT) ليضم ما كان يسمى سابقًا PGD (تشخيص قبل الانغراس) و PGS (فحص قبل الانغراس). وقد أصدرت جمعيات علمية مثل ESHRE إرشادات مفصلة حول معايير الجودة وأساليب الفحص، يستأنس بها كثير من مراكز الخصوبة حول العالم، بما في ذلك مراكز في المنطقة.
من المهم التأكيد على أن PGT لا يلغي الحاجة لمتابعة الحمل المعتادة، ولا يضمن ولادة طفل خالٍ من جميع الأمراض أو المضاعفات. هو أداة إضافية موجهة إلى مجموعة محددة ذات خطورة وراثية عالية، تساعد في تقليل خطر بعض الأمراض والاضطرابات، لكنها لا تمنح «ضمانًا مطلقًا».
معجم مختصر لمصطلحات PGT
- PGT (بشكل عام) – مصطلح جامع لكل اختبارات الوراثة التي تُجرى على الأجنة قبل نقلها إلى الرحم ضمن دورة IVF/ICSI.
- PGT-M – الحرف M من Monogenic؛ فحص يستهدف أمراضًا ناتجة عن طفرة في جين واحد، مثل بعض أنواع الثلاسيميا، بعض أمراض العضلات العصبية أو الأمراض الاستقلابية، عندما تكون الطفرة معروفة في العائلة.
- PGT-A – الحرف A من Aneuploidy؛ فحص يهدف إلى الكشف عن اضطرابات عدد الكروموسومات (مثل وجود كروموسوم زائد أو ناقص)، والتي قد تؤدي إلى إجهاض متكرر أو إلى عيوب خلقية شديدة.
- PGT-SR – الحرفان SR من Structural Rearrangements؛ فحص يُجرى عندما يكون لدى أحد الزوجين خلل بنيوي في الكروموسومات (مثل انتقال متوازن)، بهدف الكشف عن الأجنة ذات الخلل البنيوي غير المتوازن.
- niPGT-A – اختصار لـ non-invasive PGT-A؛ أسلوب يعتمد على تحليل الحمض النووي الحر في وسط زرع الجنين بدلًا من أخذ خزعة من خلايا الجنين. يُعد مجالًا بحثيًا واعدًا، لكنه ما زال حتى الآن تقنية مساعدة/تكميلية أكثر منه بديلًا راسخًا للخزعة التقليدية.
لمن قد يكون PGT مناسبًا؟
في المملكة، يُنظر إلى PGT عادةً على أنه خيار مخصص لمجموعة صغيرة من الأزواج الذين لديهم خطر وراثي واضح ومثبت، ويُقيّم القرار بالتعاون بين طبيب الإخصاب وأطباء الوراثة والاستشاريين الشرعيين والأخلاقيين حيث يلزم. من الأمثلة الشائعة:
- وجود طفرة جينية معروفة لدى أحد الزوجين أو كليهما، مرتبطة بخطر عالٍ للإصابة بمرض وراثي شديد ومبكر لدى الطفل.
- وجود خلل بنيوي واضح في الكروموسومات (مثل انتقال متوازن) لدى أحد الوالدين، مع تاريخ من إجهاضات متكررة أو وفيات جنينية أو ولادة طفل بعيوب خلقية خطيرة يُشتبه أن لها سببًا وراثيًا.
- تكرار فشل محاولات أطفال الأنابيب أو الإجهاض المتكرر رغم استبعاد أسباب أخرى شائعة، واستمرار الاشتباه في أن المشكلة الأساسية في الأجنة نفسها.
- حالات نادرة يحتاج فيها طفل مريض إلى زرع نخاع عظمي من شقيق/أخت متوافق في الزمرة النسيجية (HLA)، حيث يُفكّر في اختيار جنين متوافق؛ وهي ملفات حساسة تحتاج إلى تقييم شرعي وأخلاقي وقانوني متأنٍ.
حتى مع وجود هذه المؤشرات، يبقى PGT خيارًا طوعيًا، وليس إلزامًا. يجب أن يُتخذ القرار بعد استشارة وراثية شاملة وشرح واضح للفوائد والقيود والتحديات النفسية والمالية، وبما ينسجم مع قيم الأسرة وقناعاتها الدينية.
كيف تسير دورة PGT عمليًا؟
- الاستشارة الوراثية وتقييم الحاجة – يبدأ الأمر عادةً باستشارة مع طبيب/استشاري وراثة، أو مع فريق متعدد التخصصات، لمراجعة التاريخ العائلي والنتائج السابقة وشرح مخاطر المرض الوراثي وخيارات الفحص وحدوده. في المملكة، قد يُناقَش الملف أيضًا في لجنة طبية – شرعية عند الحاجة.
- تنشيط المبيض (التحفيز الهرموني) – على مدى 8–12 يومًا تقريبًا، تُحقن هرمونات لتحفيز المبيضين على إنتاج عدة بويضات في الدورة نفسها. تُضبط الجرعات بحسب نتائج السونار وتحاليل الدم.
- سحب البويضات والتلقيح (IVF/ICSI) – تُسحب البويضات عبر المهبل تحت تخدير قصير، ثم تُلقّح في المعمل بالحيوانات المنوية (إما بطريقة IVF التقليدية أو ICSI). بعد ذلك تُربى الأجنة في الحاضنة تحت ظروف مضبوطة.
- زرع الأجنة في المعمل وأخذ الخزعة – تُزرع الأجنة عادة حتى اليوم الخامس (مرحلة البلاستوسستة). في هذه المرحلة يأخذ اختصاصي الأجنة عينة صغيرة من الخلايا من الأرومة الغاذية (الطبقة الخارجية)، مع الحرص على عدم المساس قدر الإمكان بالكتلة الخلوية الداخلية التي ستكوّن الجنين. في niPGT-A، قد يُكتفى تحليل وسط الزرع.
- التحليل الجيني – تُرسل العينات إلى معمل وراثة متخصص يستخدم تقنيات عالية الدقة، مثل تقنيات التسلسل من الجيل التالي. يقوم أطباء الوراثة بتحليل النتائج وتفسيرها في تقرير مكتوب.
- إرجاع الأجنة أو تجميدها – يمكن إرجاع جنين واحد في الغالب في دورة «نقل طازجة» إذا كانت الظروف مناسبة، أو تجميد الأجنة السليمة نسبيًا وإرجاعها لاحقًا في دورة مجمدة عندما تكون بطانة الرحم في أفضل وضع لها.
الاتجاهات التقنية في مجال PGT لعام 2025
- توحيد بروتوكولات PGT – تسعى المراكز المتقدمة، داخل المملكة وخارجها، إلى الالتزام بإرشادات دولية واضحة حول كيفية أخذ الخزعة، وآليات التحليل المعملي، وضوابط الجودة، مما يحسن موثوقية النتائج ويُسهّل مقارنتها بين المراكز.
- تطور تقنيات niPGT-A – تحليل الحمض النووي في وسط الزرع قد يقلل مستقبلاً من الحاجة لخزعة مباشرة، لكنه لا يزال في طور البحث والتقييم، خاصة فيما يتعلق بالدقة في حالات الأجنة الموزاييكية؛ لذلك يُستخدم عادة كخيار إضافي وليس بديلاً قياسيًا.
- التصوير المتواصل (Time-lapse) والذكاء الاصطناعي – تسمح حاضنات متطورة بتصوير الأجنة على مدار الساعة دون إخراجها من بيئتها المثالية؛ وتُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل نمط الانقسامات ومظهر الأجنة وربطها بمعدلات الانغراس والنتائج السريرية.
- نقل جنين واحد بشكل انتقائي (eSET) – يزداد التركيز على نقل جنين واحد مختار بعناية في كثير من الحالات، لتقليل مخاطر الحمل المتعدد (توأم وما فوق) المرتبطة بمضاعفات لكل من الأم والمواليد، مع الحفاظ على نسبة ولادة جيدة عند الاستفادة من الأجنة المجمدة لاحقًا.
تكاليف PGT في المملكة العربية السعودية 2025
عادةً ما تكون دورة IVF/ICSI مرفقة بـ PGT أعلى تكلفة بشكل ملحوظ من دورة IVF عادية، لأن الأهل يدفعون فوق تكاليف أدوية التنشيط والإجراءات المعملية الأساسية ثمن الفحوص الجينية المتقدمة والبنية التحتية الخاصة ووقت فرق متعددة التخصصات. تختلف الأسعار بشكل واسع بين المراكز الخاصة والحكومية، وبين المدن، ونوع الاختبار وعدد الأجنة.
| البند | نطاق تكلفة تقريبي 2025 (ريال سعودي) | ماذا يشمل عادة؟ |
|---|---|---|
| الاستشارة الوراثية والتخطيط | حوالي 1,000–3,000 ريال | زيارة استشارية مع طبيب وراثة أو فريق متخصص، مراجعة الملف العائلي والتحاليل، وضع خطة الفحص. |
| تحليل PGT-M / PGT-A / PGT-SR | حوالي 8,000–20,000 ريال | استقبال العينات، إجراء الاختبارات الجينية، تحليل البيانات وكتابة التقارير لكل جنين. |
| دورة IVF/ICSI (مع التنشيط) | حوالي 20,000–35,000 ريال | أدوية التنشيط، الزيارات والمتابعة، سحب البويضات، التلقيح المعملي، زرع الأجنة حتى اليوم الخامس. |
| تجميد الأجنة ورسوم التخزين السنوي | رسوم التجميد الأولى حوالي 2,000–5,000 ريال؛ التخزين السنوي 1,000–3,000 ريال | عملية تجميد الأجنة المناسبة وحفظها في خزانات النيتروجين السائل مع المتابعة الدورية. |
| Time-lapse / niPGT-A / خدمات إضافية | حوالي 3,000–10,000 ريال | استخدام حاضنات خاصة بالتصوير المستمر أو إضافة حزم فحوص جينية متقدمة. |
معظم الأزواج في المملكة يدفعون الجزء الأكبر من تكاليف IVF و PGT من مواردهم الخاصة. بعض برامج التأمين الصحي الخاصة أو مزايا التأمين التي يقدمها صاحب العمل قد تغطي جزءًا من التكاليف (مثل الأدوية أو الإقامة في المستشفى)، لكن تغطية دورة كاملة مع PGT ما زالت محدودة. لذلك من المهم الحصول على عرض أسعار مكتوب وتفصيلي من المركز قبل البدء، واستيضاح شركة التأمين حول ما يمكن وما لا يمكن تعويضه.
نِسَب النجاح والمخاطر
تعتمد فرصة النجاح في دورة IVF/ICSI مصحوبة بـ PGT على عدة عوامل متشابكة: عمر الزوجة، مخزون المبيض (AMH وعدد البويضات)، جودة السائل المنوي، الأمراض المرافقة، خبرة معمل الأجنة، ونوع المشكلة الوراثية المراد فحصها. تُظهر سجلات عديدة أن نسب الولادة لكل نقل جنين واحد في برامج أطفال الأنابيب الحديثة تتراوح غالبًا بين 20–30%، وقد ترتفع عند النساء تحت 35 سنة، وتنخفض بوضوح بعد ذلك.
| عمر الزوجة | نسبة الولادات لكل نقل جنين (تقريبية) | الوضع المعتاد مع PGT |
|---|---|---|
| < 35 سنة | حوالي 30–40 % | غالبًا ما يتوفر أكثر من جنين واحد سليم نسبيًا وراثيًا، ما يزيد فرص النجاح التراكمي على عدة نقلات. |
| 35–39 سنة | حوالي 20–30 % | يمكن أن يساعد PGT-A في تقليل بعض حالات الإجهاض الناجمة عن خلل في عدد الكروموسومات، وتقليل نقل الأجنة غير المناسبة بوضوح. |
| ≥ 40 سنة | < 20 % | نسبة الأجنة ذات الكروموسومات السليمة (euploid) تصبح أقل بكثير؛ يعطي PGT صورة أوضح لكنه لا يلغي تأثير العمر على جودة البويضات. |
المخاطر الطبية والنفسية
- الخزعة (Biopsy) وحالة الموزاييك – تعتبر خزعة الأرومة الغاذية في اليوم الخامس إجراءً آمنًا نسبيًا في الأيدي الخبيرة، لكن بعض الأجنة تكون في حالة موزاييك (مختلطة بين خلايا طبيعية وأخرى شاذة). بما أن الخزعة تعتمد على عينة صغيرة، فقد لا تعكس النتيجة وضع الجنين بالكامل، ما يجعل بعض النتائج الحدّية بحاجة لتقييم مشترك بين أطباء الوراثة والإخصاب.
- آثار التنشيط الهرموني والإجراءات – البروتوكولات الحديثة تقلل من حدوث متلازمة فرط تنشيط المبيض الشديدة، لكنها لا تمنع تمامًا أعراضًا مثل الانتفاخ وآلام البطن والتقلبات المزاجية. كما أن هناك احتمالًا ضئيلاً لمضاعفات مثل النزيف أو العدوى بعد سحب البويضات، تستدعي متابعة دقيقة.
- حدود التقنيات غير الغازية – تظل دقة niPGT-A وغيرها من التقنيات الجديدة قيد الدراسة؛ نظريًا قد تؤدي بعض القيود التقنية إلى استبعاد أجنّة كان يمكن أن تنجح، أو العكس، إلى عدم اكتشاف خلل حقيقي في حالات نادرة.
- العبء النفسي – ضغط الانتظار بين كل خطوة وأخرى، والخوف من النتائج، والتكاليف المالية، والأسئلة الأخلاقية والدينية حول اختيار الأجنة، كلها قد تشكل عبئًا كبيرًا على الزوجين. وجود دعم نفسي متخصص، أو الانضمام لمجموعات دعم، أو اللجوء لمستشار أسري/ديني موثوق يمكن أن يساعد كثيرًا في هذه المرحلة.
مقارنة بالعلاج في الخارج من منظور سعودي (2025)
إلى جانب المراكز المحلية، يفكر بعض الأزواج في المملكة في إجراء IVF/PGT خارج السعودية بحثًا عن خيارات إضافية، أو لتجنب قوائم الانتظار، أو لأنهم يقيمون جزءًا من الوقت في دول أخرى. قبل القرار، يجب دراسة القوانين المحلية في البلد المستقبِل، الكلفة الإجمالية، اللغة، الثقافة، وكيفية متابعة الحمل عند العودة إلى المملكة.
دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات، قطر وغيرها)
- في مدن مثل دبي وأبوظبي والدوحة، توجد مراكز خصوبة متقدمة تستقبل كثيرًا من المرضى الدوليين، بما فيهم القادمون من السعودية.
- الأسعار غالبًا أعلى من متوسط المراكز الخاصة في المملكة، لكن بعض العائلات تفضّلها لسهولة السفر أو لخبرة معينة.
- القوانين في دول الخليج تتشابه في خطوطها الكبرى من حيث مراعاة الأحكام الشرعية، لكنها تختلف في التفاصيل؛ لذا يجب الاطلاع على الأنظمة في كل دولة على حدة.
الأردن ومصر
- عمّان والقاهرة تحتويان على مراكز عديدة لأطفال الأنابيب، وبعضها يوفر خدمات PGT بأسعار قد تكون منافسة.
- تختلف جودة الخدمات وطرق تنظيمها بين المراكز؛ من المهم الاعتماد على التوصيات الموثوقة والسؤال عن نسب النجاح الفعلية.
- يلزم احتساب كلفة السفر والإقامة وربما الحاجة إلى زيارات متكررة عند التخطيط المالي.
تركيا وأوروبا
- تركيا وبعض الدول الأوروبية (مثل اليونان، التشيك، إسبانيا) أصبحت وجهات شائعة لعلاج العقم وPGT للأزواج من الشرق الأوسط.
- في أوروبا الغربية خاصة، قد تكون التكلفة أعلى، لكن توجد منظومات رقابية قوية وقواعد شفافة لنتائج المراكز.
- تُحظر في كثير من هذه الدول ممارسات مثل اختيار الجنس لأسباب غير طبية، كما تُشدد القيود على نقل أكثر من جنين لتقليل الحمل المتعدد.
الولايات المتحدة ودول ذات كلفة مرتفعة
- تقدم بعض المراكز في الولايات المتحدة برامج مخصصة للأجانب وخيارات متعددة لـ PGT-A، لكنها تُعد من الأغلى عالميًا.
- تكلفة الدورة الواحدة مع الأدوية والفحوص قد تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، غير تكاليف السفر والإقامة، وغالبًا ما يتحملها المريض بالكامل.
- نظم التأمين معقدة ومتفاوتة بين الولايات، ومعظم الأزواج القادمين من الخارج يدفعون من مواردهم الخاصة.
الإطار النظامي والشرعي للفحص قبل الانغراس في السعودية
يخضع مجال علاج العقم والتقنيات المساعدة على الإنجاب في المملكة العربية السعودية لمجموعة من الأنظمة واللوائح الصادرة عن الجهات الرسمية (مثل وزارة الصحة والجهات الرقابية الأخرى)، بالإضافة إلى الضوابط الشرعية والفتاوى الصادرة عن الهيئات العلمية الشرعية. ما يلي هو عرض عام مبسط للمرضى، ولا يُعد فتوى شرعية أو استشارة قانونية.
- لا يجوز إجراء تقنيات أطفال الأنابيب وPGT إلا في مراكز مرخصة تستوفي اشتراطات وزارة الصحة من حيث التجهيزات والمعايير الفنية والكوادر المؤهلة، وتلتزم بالضوابط الشرعية في التعامل مع الأمشاج والأجنة.
- تُدرس طلبات PGT عادة في حالات الخطر الوراثي المرتفع والمبرر طبيًا، مع مراعاة الضوابط الشرعية المتعلقة باختلاط الأنساب، وحفظ الكرامة الإنسانية، وعدم الإساءة إلى الجنين أو الأم.
- تحظر الأنظمة والضوابط الشرعية استخدام PGT لأغراض غير طبية، مثل اختيار جنس المولود لمجرد التفضيل، ما لم يكن هناك سبب طبي واضح مرتبط بمرض وراثي مرتبط بالجنس.
- تلتزم المراكز بوضع سياسات واضحة لحفظ الأجنة، والمدة المسموح بها، وحالات إيقاف الحفظ أو إتلاف الأجنة غير المستخدمة، وذلك وفقًا لتعليمات وزارة الصحة والفتاوى ذات الصلة.
- للمرضى حق الحصول على شرح وافٍ عن الإجراءات والمخاطر والبدائل، وحقهم في الموافقة أو الرفض، وحقهم في سرية المعلومات الطبية والوراثية الخاصة بهم.
نظرًا لأن الأنظمة والفتاوى قد تتطور مع مرور الوقت، يُنصح الأزواج الذين يُفكرون في PGT في المملكة أو خارجها بأن يستفسروا من المركز المعالج عن آخر التحديثات، وأن يستشيروا أهل العلم الموثوقين أو مختصين قانونيين عند وجود تساؤلات شرعية أو نظامية محددة.
نصائح عملية للأزواج في المملكة
- ابدؤوا بمصادر موثوقة ومحايدة – قبل الاعتماد على تجارب وسائل التواصل الاجتماعي، من المفيد قراءة المواد التوعوية الصادرة عن المستشفيات المرجعية، والجمعيات العلمية، والجهات الرسمية المختصة بالعقم والوراثة.
- اطلبوا عرض أسعار مكتوبًا ومفصّلًا – قبل بدء أي دورة، اطلبوا من المركز قائمة تكاليف واضحة تُفصل بين علاج IVF/ICSI، فحوص PGT، الأدوية، التخدير، تجميد الأجنة وتخزينها، والخدمات الإضافية إن وجدت.
- تأكدوا مبكرًا من التغطية التأمينية – إذا كان لديكم تأمين صحي أو برنامج دعم من جهة العمل، تحققوا كتابةً ممّا إذا كان يغطي أي جزء من علاج العقم أو الأدوية أو الاستشارات الطبية المرتبطة به.
- ضعوا في الحسبان احتمال الحاجة لأكثر من دورة – حتى مع PGT، قد يحتاج بعض الأزواج إلى أكثر من محاولة للوصول إلى حمل ناجح، لذا من الواقعي التخطيط ماديًا وزمنيًا على هذا الأساس لتقليل خيبة الأمل والضغط.
- لا تهملوا الجانب النفسي والروحي – قد يكون طلب المساعدة من أخصائي نفسي، أو مستشار أسري، أو إمام/داعية موثوق خطوة مهمة لمواجهة التوتر، والقلق، والشعور بالذنب، وإعادة التوازن لعلاقة الزوجين أثناء علاج العقم.
بدائل PGT والجوانب الأخلاقية
لا يناسب PGT جميع الأزواج الذين لديهم مخاطر وراثية، كما أنه ليس الخيار الوحيد المتاح. من البدائل الممكنة: الحمل الطبيعي أو عبر IVF دون PGT مع الاعتماد على الفحوصات قبل الولادة (مثل فحوص الدم غير الغازية، السونار التفصيلي، أخذ عينة من الزغابات المشيمية أو عينة من السائل الأمنيوسي)، أو التفكير في استخدام بويضات/حيوانات منوية من متبرع ضمن الضوابط الشرعية والنظامية (في الدول التي تسمح بذلك، مع ملاحظة أن أنظمة المملكة ما زالت مقيدة في هذا الجانب)، أو التوجّه لخيار التبني أو كفالة اليتيم، أو اتخاذ قرار واعٍ بعدم إجراء أي فحص جيني إضافي بعد استشارة مختصين.
أخلاقيًا وروحيًا، يتحرك الأزواج بين رغبتهم المشروعة في تجنب مرض شديد ومُنهك لطفلهم، وبين خوفهم من الانزلاق نحو «ثقافة الفرز والانتقاء» أو الإساءة لصورة ذوي الإعاقة في المجتمع. الحوار المفتوح مع الأطباء، والمختصين الشرعيين، والأخصائيين النفسيين يمكن أن يساعد في بلورة قرار متوازن يحترم القيم الدينية والإنسانية للأسرة بقدر ما يستفيد من الإمكانات الطبية الحديثة.
الخلاصة
يمكن أن يكون الفحص الجيني قبل الانغراس (PGT) وسيلة مهمة لبعض الأزواج في المملكة ممن يواجهون خطرًا وراثيًا عاليًا، للمساعدة في تقليل احتمال إصابة الأبناء بأمراض وراثية خطيرة أو بعض أنماط الإجهاض المتكرر الناتجة عن عيوب كبيرة في الكروموسومات. في الوقت نفسه، تظل التقنية معقدة ومكلفة وتحمل أبعادًا نفسية وأخلاقية عميقة، ولا تقدم نتيجة مضمونة بنسبة 100%.
إذا كنتم تفكرون في PGT، فالأهم هو فهم قدرات وحدود التقنية بصدق، واختيار مركز مرخص وذو خبرة، والاستفادة من استشارات طبية ووراثية وشرعية موثوقة، ثم اتخاذ قرار ينسجم مع قناعاتكم الدينية وظروفكم العائلية وخططكم المستقبلية، لا مع الضغوط المجتمعية أو الصورة المثالية غير الواقعية.

